و أمّا المعتمر عمرة مفردة فذهب الشهيد في اللمعة إلى أنّه
يقطعها إذا دخل الحرم.[1] و إطلاقه
يقتضي عدم الفرق في ذلك بين ما لو أحرم من أحد المواقيت أو خرج لها من مكّة إلى
أدنى الحلّ، و لم أجد نصّاً على هذا الإطلاق.
فإن قيل: يدلّ عليه
إطلاق قوله عليه السلام: «و إن كنت معتمراً فاقطع التلبية إذا دخلت الحرم» في موثّق
معاوية بن عمّار[2] المتقدّم.
قلنا: إطلاقه ممنوع،
بل عطفه على ما سبقه يقتضي تقييده بالمحرم من الميقات.
و قيّده الشهيد الثاني[3] بما إذا
أحرم بها من أحد المواقيت، ذاهباً إلى أنّ الخارج لها من مكّة يقطعها إذا شاهد
بيوت مكّة، و به قال جماعة اخرى، و هو الأشهر بين الأصحاب.
و به قال ابن إدريس،
إلّا أنّه أبدل مشاهدة البيوت بمشاهدة الكعبة.[4] و بهذه الأقوال جمعوا
بين ما سيأتي من الأخبار.
و لا يبعد القول
بالتخيير بين بلوغ العقبة و دخول الحرم إن أحرم بها من أحد المواقيت، و يتحتّم
القطع عند مشاهدة الكعبة للخارج لها من مكّة؛ أمّا الأوّل فللجمع بين ظاهر ما سبق
عن معاوية بن عمّار على ما عرفت و خبر يونس بن يعقوب، قال:
سألت أبا عبد اللّه عليه
السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟ قال: «إذا رأيت بيوت ذي
طوى فاقطع التلبية».[5] و خبر
الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت: دخلت بعمرة، فأين أقطع
التلبية؟ قال: «حيال العقبة، عقبة المدينين»، فقلت: أين عقبة المدينين؟ قال: «حيال
القصّارين».[6]
[1]. اللمعة الدمشقيّة، ص 59؛ شرح اللمعة، ج 2، ص
234.