لأركب و هم يمشون».[1]
و في حديث ثوبان أيضاً- على ما رواه الترمذي-: خرجنا معه في جنازة، فرأى ناساً
ركباناً فقال: «أ لا تستحيون أنّ الملائكة على أقدامها و أنتم على ظهور الدواب».[2] و نقل في الذكرى عن ابن الجنيد
أنّه قال: «لا يركب صاحب الجنازة و لا أهله و لا اخوان الميّت».[3] و ظاهره تخصيص النهي
عنه بهؤلاء كما هو ظاهر «الصاحب» في مرسلة ابن أبي عمير،[4] و لأنّ مشيهم من الآداب
رعاية للمشيّعين المشاة، و الأظهر عموم الكراهة و تأكّدها في هؤلاء، و لا ريب أنّ
الكراهة إنّما هي في حال الاختيار دون العذر من المشي.
قوله في صحيحة عبد
الرحمن: (إنّي لأكره أن أركب و الملائكة يمشون). [ح 2/ 4456]
قال طاب ثراه:
استدلّ العلّامة في المنتهى بهذا الخبر على
الكراهة،[5] و ردّه
الفاضل الأردبيلي بأنّه أخصّ من المدّعى،[6]
و لعلّ وجه ذلك أنّه احتمل اختصاص الحكم بالنبيّ صلى الله عليه و آله بل بخصوص تلك
الجنازة؛ لاحتمال اختصاص مشي الملائكة معها بها.
و الجواب: أنّ الاستدلال
ظاهر، و الظاهر عموم ما كرّهه النبيّ صلى الله عليه و آله على نفسه إلى أن يعلم
الاختصاص، و مشي الملائكة غير مختصّ بتلك الجنازة كما هو ظاهر بعض ما ذكر من
الأخبار.
[2]. سنن الترمذي، ج 2، ص 239- 240، ح 1017. و ورد
أيضاً في: المستدرك للحاكم، ج 1، ص 355؛ السنن الكبرى للبيهقي، ج 4، ص 23؛ مسند
الشاميّين، ج 1، ص 273، ح 467؛ كنز العمّال، ج 15، ص 723، ح 42880.