المدنية ، خفت
القسوة في تلك السلطة ، من قتل وتعذيب وأخذت تميل الكفة إلى الاعتدال شيئاً فشيئاً.
لكن بقي نظام الاسرة القديم ، ثابت على
حاله ، بل قيدوا النساء بقيود مثقلة ، مما زادهنَّ ذلة ومهانة.
كان الرومان يتسابقون في ميدان التقدم
والرقي ، ولكن احتقارهم لنسائهم يعاملوهنَّ معاملة الخدم والإماء ، وينظرون إليهن
نظرة الازدراء مما جعل المرأة تنجرف في تيار الاستهتار ، عندما رأت نفسها ، في مثل
هذا الانحطاط والانهيار ، ولأنها لا تصلح إلا لإرضاء الرجل ، وتلبية رغباته ،
عندها تفجر بركان من الفحشاء والفجور.
وعن المودودي ( ولما تراخت عرى الاخلاق
وصيانة الآداب في المجتمع الروماني الى هذا الحد ، اندفع تيار من العرى والفواحش ،
وجموح الشهوات ، فأصبحت المسارح مظاهر للخلاعة والتبرج الممقوت ، وزُينت البيوت
بصور ورسوم كلها دعوة سافرة الى الفجور ، والدعارة والفحشاء ).
ومن جراء هذا كله ، راجت مهنة المومسات
والداعرات. الى أن يقول : ونالت مسرحية فلورا ( Flora ) حضوة عظيمة ،
لدى الروم ، لكونها تحتوي على سباق النساء العاريات.
وكذلك انتشر استحمام النساء والرجال في
مكان واحد بمرأى من الناس ومشهد. أما سرد المقالات الخليعة ، والقصص الماجنة
العارية ، فكان شغلاً مرضياً مقبولاً ، لا يتحرج منه أحد ، بل الأدب الذي كان
يلتقاه الناس بالقبول والرضى ، هو الذي يعبر عنه اليوم بالأدب المكشوف ، وهو الذي
تبيَّن فيه أحوال الحب ، والعناق والتقبيل سافرة غير مقنعة ، بحجب من المجاز
والكنايات. انتهى [١].