مع زهير بن القين لمّا أقبلنا من مكّة، فكنّا نساير الحسين
عليه السلام حتى لحقناه، و كان إذا أراد النزول اعتزلناه فنزلنا ناحية[1].
فلمّا كان في بعض
الأيّام نزل في مكان لم نجد بدّا من أن ننازله فيه، فبينا نحن نتغدّى من زاد[2] لنا إذ أقبل
رسول الحسين عليه السلام حتى سلّم.
ثمّ قال: يا زهير بن
القين، إنّ أبا عبد اللّه عليه السلام بعثني إليك لتأتيه، فطرح كلّ منا ما في يده
حتى كأنّما على رءوسنا الطير.
فقالت له امرأته[3]- و هي ديلم
بنت عمرو-: سبحان اللّه، أ يبعث إليك ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ثمّ لا
تأتيه؟! فلو أتيته فسمعت من كلامه.
فمضى إليه زهير، فما لبث
أن جاء مستبشرا قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه فقوّض و بثقله[4] و متاعه فحوّل إلى الحسين عليه
السلام.
و قال لامرأته: أنت
طالق، فإنّي لا احبّ أن يصيبك بسببي إلّا خير، و قد عزمت على صحبة الحسين عليه
السلام لأفديه بروحي، و أقيه بنفسي، ثمّ أعطاها حقّها[5] و سلّمها إلى بعض بني عمّها ليوصلها
إلى أهلها.
فقامت إليه [و ودّعته][6] و بكت، و
قالت: كان[7] اللّه لك،
أسألك أن
[1] انظر: تاريخ الطبري: 5/ 393- 394، إرشاد
المفيد: 223، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام من تاريخ دمشق: 211 ح 268، إعلام
الورى: 229، الكامل في التاريخ:
4/ 39، البداية و النهاية: 8/
169، البحار: 44/ 186 ح 14.