من دون أن يتعرضوا
للابتلاء ، وصاروا ذوي شخصية صلبة غير متزعزعة أمام الأحداث والنوائب ، وإن لم
يقعوا في معرض الامتحان ، وذلك لما عرفت من أنّ الابتلاء ليس عاملاً وحيداً في
تكوين الشخصيات العالية ، بل هناك عوامل أُخرى مكشوفة وغير مكشوفة مؤثرة في ذلك
المضمار.
أمّا المكشوفة : فمنها الوارثة والتربية
والبيئة. والأئمّة المعصومون تربّوا في بيت رفيع عريق طاهر معروف بالصدق ، والوفاء
، والشجاعة والسماحة ، والغيرة والأمانة إلى غير ذلك من حميد الأخلاق ، وكان
أجدادهم شرفاء ، كرماء ، ومن هذا المنطلق ورث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ما في هذا البيت من الشرف والكمال ، فإذا كانت التربية عاملاً مؤثراً بنّاءً في
مجال تكوين الشخصيات ، وموجبة لتفتح الكمالات المكنونة وازدهار كوامن النفوس ، فقد
تربّوا في البيت النبوي تحت رعاية آبائهم المكرمين ، فورثوا المكارم من أجدادهم
وأظهروا الكمالات برعاية آبائهم.
وإذا كانت الوراثة والتربية والبيئة الصالحة
من العوامل المكشوفة ، فهناك عوامل غير مكشوفة لبناء الشخصيات ، تساهم تلك العوامل
في عملية تكوين الشخصيات الأصيلة ، ولأجل ذلك نرى بروز نوابغ في بعض البيوتات من
دون أن يكون هناك أثر من العوامل البنّاءة المعروفة ، وما ذلك إلاّ لأنّ الإنسان
ما أُوتي من العلم إلاّ قليلاً ، ولا يعلم من أسرار الحياة إلاّ ظاهرها وقليلها [١]. فهناك أسباب لتكون الشخصيات لم يعرفها
الإنسان ولم يقف عليها ، وهذه العوامل مكشوفها وغير مكشوفها تخلّف الأرضية الصالحة
لإفاضة منصب الإمامة ، بل العصمة مضافاً إلى عنايته سبحانه وحكمته البالغة فإنّ الأُمّة
تحتاج إلى معلم بارع وهاد