مصون من الزلل والخطأ
، ومقتضى لطفه وعنايته تقدير الأسباب المنتهية إلى تكوين شخصيات عالية صالحة ، لأن
يكونوا أئمّة وأُسوة في الحياة وقدوة في القول والفعل.
٥. هل حقق الخليل
أهداف الإمامة ؟
وفي الختام يطرح هذا السؤال نفسه : إذا
كان الهدف من تنصيب إبراهيم هو قيادة الأُمّة وتنظيم أُمورهم في الحياة فلسائل أن
يسأل عن تحقّق تلك الغاية في حياة الخليل وعدمه ، وانّه هل ساعدته الظروف لقيامه
بتلك الوظيفة الخطيرة أم لا ؟
الجواب
: انّ حياة الخليل كحياة سائر الأنبياء
محفوفة بالإبهام ، وما ورد في قصص الأنبياء لا يصحّ الركون إليه لأنّ أكثرها إسرائيليات
أو مسيحيات ، وأمّا العهدان ، فقد لعب بهما الهوى ، وسرى إليهما التحريف ، فلا
يصحّ الاعتماد على محتوياتهما ، ولأجل ذلك لا يمكن إظهار النظر حول السؤال على وجه
بات.
والّذي يمكن أن يقال : إنّ القيادة
وافتراض الطاعة وتنظيم أُمور الأُمّة بالأمر والنهي ذات مراتب ، وهي تختلف حسب
اختلاف الظروف والإمكانيات ، وحسب اختلاف الأزمنة والحضارات ، فالقيادة البارزة
الّتي أُتيحت للنبي أو لمن قبله من الأئمّة كداود وسليمان لم تكن متاحة ولا ممكنة
في زمن الخليل ، لماعرفت من اختلاف القيادة باختلاف إمكانيات الظروف ، وازدهار
الحضارات.
ولكن القيادة بإحدى مراتبها كانت متاحة
ومتحقّقة له ، وإلاّ يلزم لغوية جعل المنصب ، ولو لم يتسن له مثل ما تسنّى لسائر
الأئمّة فليس لقصور في القاعدة وبرامجه ، بل لقصور في الظروف والأزمنة ، أو لتقصير
في الأُمّة والتابعين ، أو غير ذلك.