من الاعتزال وصار من
شيعة منهج أحمد بن حنبل ، وأنّ مذهبه لا يفترق عنه قيد شعرة ، فقام بتعديله
وإصلاحه بشكل خاص خال عمّا يناقض عقول الناس ، إلاّ فيما شذ وندر. وليس مذهب
الأشعري إلاّ صورة معدلة من مذهب الحنابلة وأهل الحديث ، كما سيوافيك ، فصار القول
بالتشبيه والتجسيم الصريح متروكاً بعده إلى قرون.
ولكن العجب أنّ هذه البدع بعد إخمادها ،
أخذت تنتعش في أوائل القرن الثامن بيد أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحرّاني (
المتوفّى عام ٧٢٨ ه ) ، فجدّد ما اندرس من آثار تلك الطائفة المشبهة ، وقد وصفه
السبكي في السيف الصقيل : « بأنّه رجل جسور يقول بقيام الحوادث بذات الرب » ،
ولكنه يقول بأنكر من ذلك ، وقد أتى بنفس ما ذكره الدارمي المجسّم في كتابه « غوث
العباد » المطبوع بمصر عام ١٣٥١ ه في مطبعة الحلبي.
وعلى ذلك فابن تيمية إذن إمام المدافعين
عن بيضة أهل التشبيه ، وشيخ أهل التجسيم ممن سبقه من الكرامية وجهلة المحدّثين ،
الذين اهتموا بالحفظ المجرّد ، وغفلوا عن الفهم والتفكير ، ولأجل ذلك نرى أنّ
الشيخ الحراني يرمي المفكرين من المسلمين كإمام الحرمين ، والغزالي ، في كتابيه «
منهاج السنّة والموافقة المطبوع على هامش الأوّل » بأنّهما أشدّ كفراً من اليهود
والنصارى. مع أنّه ( أي ابن تيمية ) يعتنق عقائد يخالف جمهرة المسلمين وأئمّة أهل
البيت عليهمالسلام.
٢. معطّلة السلفية
وهذه الزمرة من السلفية وإن كانت بريئة
ممّا ذهبت إليه المجسّمة فهم لا يقتفون أثر الظواهر ، بل يصرفونها عمّا يتبادر منها
في بادئ النظر ، إلاّ أنّهم