الّذي يعد كمالاً
للجسم ، وأين هو من العلو المعنوي الّذي هو كمال الذات.
وقد جاء استعمال لفظ الاستواء على العرش
في سبع آيات مقترناً بذكر فعل من أفعاله ، وهو رفع السماوات بغير عمد ، أو خلق
السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ، فكان ذاك قرينة على أنّ المراد منه ليس
هو الاستواء المكاني بل الاستيلاء والسيطرة على العالم كله ، فكما لا شريك له في
الخلق والإيجاد لا شريك له أيضاً في الملك والسلطة ، ولأجل ذلك يقول في بعض هذه
الآيات : (أَلا لَهُ الخَلْقُ
وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[١].
فالتأويل بلا قيد وشرط ، إذا كان ضلالاً
ـ كما سيوافيك بيانه ـ فكذلك الجمود على ظهور المفردات ، وترك التفكّر والتعمّق
أيضاً ابتداع مفض إلى صريح الكفر ، فلو حمل القارئ قوله سبحانه : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)[٢] على أنّ لله مثلاً ، وليس لهذا المثل
مثل ... إذن يقع في مغبّة الشرك وحبائله ، وقد نقل الرازي في تفسيره لهذه الآية
كلاماً عن ابن خزيمة فراجعه [٣].
وما أحسن قول ابن العربي في هؤلاء
المجسّمة المشبهة :
قالوا الظواهر أصل لا يجوز لنا
عنها العدول إلى رأي ولا نظر
بينوا عن الخلق لستم منهم أبداً
ما للأنام ومعلوف من البقر
وهؤلاء سلف المشبهة وأئمّة المجسّمة ،
وقد اغتر بقولهم جماعة من البسطاء المحدثين إلى أن طلع إمام الأشاعرة فادّعى في
الفترات الأخيرة من حياته أنّه تاب