هذا هو واقع الأمر غير أنّ بعض المخطّئة
لم يرتض ليوسف هذه المكارم والفضائل ، واستدل على عدم عصمته بما ورد في سورة يوسف
في حق العزيزة ومن هو في بيتها ، قال سبحانه : (وَرَاوَدَتْهُ
الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ
هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا
يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ
وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَٰلِكَ
لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ)[١].
ومحل الاستدلال : قوله (وَهَمَّ بِهَا) أي همّ
بالمخالطة ، وانّ همّه بها كان كهمّها به ، ولولا أنّ رأى برهان ربّه لفعل ، وقد
صانته عن ارتكاب الجريمة ـ بعد الهمّ بها ـ رؤية البرهان.
وبعبارة أُخرى : انّ المخطّئة جعلت كلا
من المعطوف والمعطوف عليه (وَلَقَدْ
هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) كلاماً مستقلاً غير مقيّد بشيء ،
وكأنّه قال :
ولقد همّت به : أي بلا شرط وقيد.
وهمّ بها : أي جزماً وحتماً.
ثم بعد ذلك ـ أي بعد الإخبار عن تحقّق
الهم من الطرفين ـ استدرك بأنّ العزيزة بقيت على همّها وعزمها إلى أن عجزت ، وأمّا
يوسف فقد انصرف عن الاقتراف لأجل رؤية برهان ربِّه ، ولأجل ذلك قال :
(لَوْلا أَن
رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ) أي ولولا
الرؤية لاقترف وفعل وارتكب ، لكنّه رأى فلم يقترف ولم يرتكب ، فجواب لولا محذوف
وتقديره « لاقترف ».
ثم إنّ المخطّئة استعانوا في تفسير
الآية بما ذكروه من الإسرائيليات التي لا