فتوضيح دفعه : أنّه سبحانه قد وعد نوحاً
بإنجاء أهله إلاّ مَنْ سبق عليه القول وقال : (حَتَّىٰ
إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ
زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ
آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)[١] ، وهذا الكلام يعرب عن أنّه سبحانه وعد
بكلامه شيخ الأنبياء بأنّه ينجّي أهله ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر يجب أن نقف
على حالة ابن نوح وأنّه إمّا أن يكون متظاهراً بالكفر وكان أبوه واقفاً على ذلك ،
وإمّا أن يكون متظاهراً بالإيمان مبطناً للكفر ، وكان أبوه يتصوّر أنّه من
المؤمنين به.
فعلى الفرض الأوّل : يجب أن يقال : إنّ
نوحاً قد فهم من قوله سبحانه : (وَأَهْلَكَ
إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) في سورتي
هود الآية ٤٠ والمؤمنون الآية ٢٧ [٢]
انّه قد تعلّقت مشيئته بإنجاء جميع أهله الذين ينتمون إليه بالوشيجة النسبية
والسببية ، سواء أكانوا مؤمنين أم كافرين غير امرأته التي كانت كامرأة لوط تخونه
ليلاً ونهاراً ، وعندئذ يكون المراد من قوله : (إِلاَّ مَن
سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ) هو