وجعله معلماً
للملائكة ومسجوداً لهم ، وفي هذه الحالة طلب منه أن يترك الأكل من الشجرة المعينة
، كان المترقب من مثله أن يتورّع عن أيّة مخالفة مهما صغرت ، ومهما كان الأمر
والنهي غير إلزاميين ، ولأجل ذلك يعد هذا العمل ـ مع ملاحظة ما حفّه من الشرائط ـ عصياناً
محتاجاً إلى التوبة.
جواب ثالث عن الإشكال
وهاهنا جواب ثالث : وهو أنّ محور البحث
عند المتكلّمين في عصمة الأنبياء عبارة عن مخالفة الإنسان المكلّف ، للتكليف
الإلهي بعد تشريع الشرائع ، وإنزال الكتب ، ولو كان هذا هو المعيار لما صدق في قصة
آدم ، لأنّ البيئة التي كان أبو البشر يعيش فيها قبل الهبوط ، لم تكن دار التشريع
والتكليف ، ولم تكن هناك أيّة شريعة ، والمخالفة في هذا المحيط لا تعد نقضاً
للعصمة ، فلاحظ ، فقد تقدم بعض ذلك الكلام في ذيل الجواب الأوّل.
إلى هنا تبيّن أنّ مخالفة آدم لنهيه
سبحانه لا تضاد عصمته ، وقد عرفت الأجوبة الثلاثة ، فحان حين البحث عن بعض
المفاهيم الواردة في الآيات التي تقدّمت عليك وربّما يُعد بعضها دليلاً على أنّ
المخالفة من آدم كانت ذنباً شرعياً ، ولأجل ذلك يجب علينا توضيح هذه المفاهيم
الواردة في القصة.
٢. ما معنى وسوسة
الشيطان لآدم ؟
وحقيقة هذا السؤال ترجع إلى أنّ ظاهر
الآيات الماضية هو تأثير الشيطان في نفس آدم بالوسوسة قال سبحانه : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ)[١] ، وقال