سبحانه : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ)[١] ، وعندئذ يتساءل : انّ تطرق الوسوسة
إلى آدم من جانب الشيطان ، كيف تجتمع مع ما حكاه سبحانه من عدم تسلّط الشيطان على
عباد الله المخلصين إذ قال : (إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغَاوِينَ)[٢]
، وقال سبحانه حاكياً قول إبليس : (قَالَ
فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
* إِلاَّ
عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ)[٣] ؟
والجواب عن ذلك : انّ المراد من (المُخْلَصِينَ) هم الذين
اجتباهم الله سبحانه من بين خلقه ، قال تعالى مشيراً إلى ثلة من الأنبياء : (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ
عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ
نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا)[٤]
، وقال سبحانه مشيراً إلى طائفة من الأنبياء : (وَمِنْ
آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ
إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[٥].
فإذا كان المخلصون هم الذين اجتباهم
الله سبحانه بنوع من الاجتباء ، لم يكن آدم عليهالسلام
يوم خالف النهي من المجتبين ، وانّما اجتباه سبحانه بعد ذلك قال سبحانه : (وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ
* ثُمَّ
اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ)[٦] وعلى ذلك فوسوسة الشيطان لآدم لا تنافي
ما ذكره سبحانه في حق المجتبين ، وانّ الشيطان ليس له نصيب في حق تلك الصفوة وليس
له طريق إليهم.