إلى هنا تمت الإجابة على السؤال الأوّل
، غير أنّ هناك جواباً آخر ذكره أكثر المفسرين ، ونحن نأتي به بشكل موجز :
جواب آخر عن الإشكال
إنّ أكثر المفسرين من العدلية اختاروا
أنّ مخالفة آدم لم تكن إلاّ مخالفة لنهي مولوي غير إلزامي ، وهو ما يعبّر عنه بترك
الأولى وترك الأفضل ، وأمّا إطلاق العصيان وغيره من الكلمات الموهمة في المقام.
فحاصل كلامهم في ذلك : أنّ الذنب على
قسمين : ذنب مطلق ، وهو مخالفة الإرادة القطعية الإلزامية للمولى الحكيم من غير
فرق بين إنسان وإنسان ، فمن خالفه يكون عاصياً سواء فيه العاكف والباد.
وذنب نسبي ، وهو ما يعد ذنباً وأمراً
غير صحيح بالنسبة إلى شخص دون شخص ، وهو ما يكون العمل بالذات مباحاً وجائزاً غير
قبيح في حد نفسه ، غير أنّ العرف والمجتمع يستقبح صدوره من شخص خاص ، ويعده أمراً
غير صحيح ، ومثاله ما يلي :
إنّ المساعدة المالية القليلة ممن يمتلك
الآلاف المؤلّفة وإن كانت جائزة ، لكنّها تثير اعتراض الناس على فاعلها مع أنّه لم
يرتكب عملاً قبيحاً بالذات.
كما أنّ إقامة الصلاة مع عدم تفرّغ
البال مبرئة للذمة ومسقطة للتكليف ، إلاّ أنّه إذا أتى بها النبي بهذه الصورة يُعد
أمراً غير لائق بمقامه وغير مترقب منه ، فوزان الأكل من الشجرة الممنوعة وزان صدور
بعض الأعمال المباحة بالذات من الشخصيات الكبيرة المحترمة.
ونزيد توضيحاً في ذلك : إذا وقفنا على
أنّه سبحانه أعزّ آدم بتعليمه الأسماء ،