الكِتَابَ
وَالمِيزَانَ ... )[١]
بتصور أنّ ظاهر الآية هو إنّ كل رسول بعث من قبل الله سبحانه ، قد أُنزل معه كتاب
، غير تام.
أما
أوّلاً : فلأنّ الآية لا تدل على أنّ لكل نبي
كتاباً على وجه العموم الاستغراقي ، وإنّما تنظر الآية إلى سلسلة الأنبياء بنظرة
واحدة ، ويكفي في صدق قوله سبحانه : (وَأَنزَلْنَا
مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ) نزول الكتاب
على طائفة خاصة منهم لا على كل واحد منهم ، وذلك نظير قوله سبحانه في حق بني
إسرائيل : (وَجَعَلَكُم مُلُوكاً
وَآتَاكُم مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ العَالَمِينَ)[٢] مع أنّه سبحانه جعل البعض النادر منهم
ملكاً ، لا كل واحد.
وثانياً
: أنّ من المحتمل أنّ المراد من (الكِتَابَ) هو الكتب
التشريعية الخمسة التي هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمراد من إنزال الكتب ، هو
إنزال هذه الكتب سواء نزلت على نفس الرسول ، أو لرسول قبله وأمر المتأخر بترويجه
وتطبيق العمل عليه.
وثالثاً
: لو صح الاستدلال بهذه الآية على أنّ
لكل رسول كتاباً ، فليصح الاستدلال بقوله : (كَانَ
النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ
وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ)[٣] على أنّ لكل نبي كتاباً وهو واضح
البطلان. والجواب في كلتا الآيتين واحد.
ورابعاً
: أنّه منقوض من جانب الرسول ، فهذا هو
القرآن ، وصف أُناساً بالرسالة مع أنّه لم يكن مع واحد منهم كتاب ، قال سبحانه : (وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ