الكِتَابَ) إذ من
المعلوم انّه لم يكن لكل نبي كتاب ، فالكتب السماوية محدودة معدودة ، لا تتجاوز
مائة وأربعة كتب [١]
وعلى هذا فالآية تدل على أنّ كل نبي أُنزل عليه كتاب ، يكون مبعوثاً ومأموراً
بالتبشير والإنذار لا أنّ كل من كان نبياً وإن لم يكن معه كتاب كان مأموراً
بالتبليغ والتبشير والإنذار.
فإن
قلت : لو كان المراد من النبيين خصوص من
أُنزل معه الكتاب يلزم استعمال العام وإرادة الأفراد النادرة ، لأنّ المعروف انّ
عدد الأنبياء ١٢٤٠٠٠ نبي ، والذين أُنزل معهم الكتاب عن ١٠٤ أنبياء ، وعندئذ تكون
نسبة من أُنزل معه الكتاب إلى مجموع النبيين نسبة الواحد على ١١٩٢ ، ومن المعلوم
انّ استعمال العام وإرادة الأفراد النادرة مستهجن.
قلت
: إنّ الاستهجان إنّما يلزم إذا كان
المخصص منفصلاً وأمّا إذا كان متصلاً فلا ، فلو قلنا أكرم العلماء العدول وكان
نسبة العادل منهم إلى الفاسق نسبة الواحد إلى المائة لما أضر ذلك بالاستعمال ولما
عد مستهجناً ، والمقام من هذا الباب.
٢. انّ القرآن ينص على أنّ حياة الأنبياء
لم تكن خالية من عدوٍ من الإنس والجن ، قال سبحانه : (وَكَذَٰلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يُوحِي
بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً)[٢] ، وقال تعالى : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ
عَدُوّاً مِنَ المُجْرِمِينَ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)[٣].
وعلى هذا فكل نبي جاء ذكره في القرآن
كان مأموراً بمكافحة الفساد وتطهير المجتمع البشري من كل عمل إجرامي ، فلو لم يكن
كل نبي مأموراً