بالإرشاد والهداية ،
ومكافحة الشر والفساد ، لم يكن للحكم بثبوت عدو لكل نبي على نحو الاستغراق الكلي
وجه.
وتوهم أنّ للعداوة عللاً وأسباباً غير
الدعوة إلى الحق ، إذ أنّ كثيراً من الناس يبغضون من ليس على شاكلتهم وإن لم يكن
بينه وبينهم أيّة صلة ، والعصابة الضالة الجاهلية أعداء للصلحاء من الناس ، ولو
فرض الصالح حيادياً تجاه فكرتهم العادية وعقيدتهم ، غير متعرض لشيء من أعمالهم
وأفعالهم بذم أو تنديد.
مدفوع بأنّ الناس كانوا يبغضون الأنبياء
من جهة رسالاتهم ومناهجهم لا من جهة أنّهم ليسوا على شاكلتهم ، والمناظرات التي
دارت بينهم أوضح شاهد على ذلك.
٣. لو كان الرسول أخص من النبي ، لكان
أشرف وأمثل منه ، وذلك يناسب تقديم لفظ النبي على الرسول عند اجتماعهما في كلام
واحد ، لأنّ ذكر الخاص بعد العام أوقع وأنسب ، والتدرج من الداني إلى العالي أو
منه إلى الأعلى ، أحسن وأبلغ ، مع أنّ الوارد في القرآن هو العكس ، قال تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ
كَانَ مُخْلَصاً وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً)[١] ، وقال سبحانه : (إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ
رَسُولاً نَبِيّاً)[٢].
وأمّا قوله سبحانه : (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ
الصَّالِحِينَ)[٣]
فالتدرج فيه من العالي إلى الداني لأجل رعاية فواصل الآيات حيث يقول سبحانه قبله :
(إِنَّهُ مِنْ
عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ * وَبَشَّرْنَاهُ
بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ).
ومما يثير العجب ، تفسير النبي في
الآيتين بمعنى الرفيع شأناً والأعلى منزلة ،