نعم لو قلنا بأنّ « فعيل » بمعنى « فاعل
» والنبي بمعنى المنبئ عن الغيب والمبلغ للخبر الخطير ، فربما يكون مشعراً بكونه
مأموراً بإعلانه ولكن الأشعار غير الدلالة ، إذ لا ملازمة بين الإنباء عن الغيب
وبين كونه مبعوثاً إلى هداية الناس وإنّهم ملزمون بإطاعته والانقياد إليه فيما
يأمر وينهى.
أمّا « الرسول » فهو عبارة عن من تحمل
رسالة من إبلاغ كلام أو تنفيذ عمل من جانب مرسله.
قال الراغب : « الرسول » يقال تارة
للقول المتحمل ، كقول الشاعر : « ألا أبلغ أبا حفص رسولا » وتارة لمتحمل القول
والرسالة [١]
وعند ذاك فاللفظ بما له من المعنى ، يدل على أنّ الرسول من بعث إلى الغير لتنفيذ
رسالة كلف بحملها من قبل مرسله.
هذا غاية ما يمكن أن يوجه به هذا القول
ولكن يمكن مناقشته بوجوه :
١. ان أراد أنّ النبي لغة كذلك وانّه لا
يلازم كونه مأموراً بالتبليغ فله وجه وإن أراد أنّ المراد من « النبي » أو «
النبيين » في القرآن أعم فهو غير ظاهر لأنّه سبحانه وصف النبيين عامة بكونهم
مبشرين ومنذرين وقال : (كَانَ
النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ
وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ)[٢].
وظاهر الآية يعطي أنّ كل نبي كان مبشراً
ومنذراً ، فهل التبليغ إلاّ التبشير والإنذار ، سواء كان التبشير بشريعته أو
بشريعة من سبقه من الأنبياء.
نعم انّ في الآية احتمالاً آخر تسقط معه
المناقشة ، وهو انّ المراد من النبيين فيها القسم الخاص منهم لا جميعهم ، بقرينة
قوله سبحانه : (وَأَنزَلَ
مَعَهُمُ