الثالث : انّ الأنبياء أصحاب الشرائع
واُولي العزم هم هؤلاء الخمسة المذكورين في الآية إذ لو كان معهم غيرهم لذكر
فهؤلاء سادة الأنبياء ويدل على تقدمهم أيضاً قوله : (وَإِذْ
أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) ( الأحزاب ـ
٧ ) [١].
الجواب :
انّ ما ذكره ( رضوان الله عليه ) وإن
كان صحيحاً لكنّه لا يدل على عمومية نبوّة هؤلاء الأربعة ومنشأ الاشتباه ( في
الاستدلال بالآية وأضرابها على عمومية الدعوة ) هو الخلط بين عمومية دعوتهم وتداول
شريعتهم بعدهم ، فقد جرت سنّة الله على بعث أنبياء غير صاحبي شريعة في المناطق
التي بعث فيها نفس أصحاب الشرائع وهؤلاء المبعوثون كانوا يحملون النبوّة والوحي ،
ويتشرّفون بالبيّنات والمعجزات من دون أن تكون لهم شريعة مستقلة ، بل كانوا تابعين
لإحدى الشرائع الأربع المتقدمة أو المتعاصرة وناشرين لها ، وكانت نبوّتهم مختصة
بقومهم ومنطقتهم غير أنّ ظهور كل واحد منهم من منطقة من المناطق ، كان دليلاً على
انتهاء نبوّة النبي صاحب الشريعة عند بعث النبي اللاحق ، بل كان دليلاً على عدم
سعتها من بدء الأمر ، كما إذا كان النبي المروّج معاصراً للنبي صاحب الشريعة مثل
لوط بالنسبة لإبراهيم عليهالسلام.
وهذا ، هو القرآن يحكي عن أنبياء
مروّجين معاصرين لصاحب الشريعة أو تالين له ، آخذين بشريعته.
فقد بعث الله هوداً إلى عاد بشريعة مثل
شريعة نوح التي كانت بسيطة غاية البساطة ، كما بعث صالحاً إلى ثمود ، بمثل ما بعث
به هوداً.
وقد بعث الله لوطاً إلى قومه ، دون أن
تكون له شريعة بل كان يتبع شريعة إبراهيم وكانا يعيشان في عصر واحد ، كما بعث
شعيباً إلى أصحاب مدين والايكة ، فأهلك