مدين بصيحة جبرئيل ،
والايكة بعذاب يوم الظلة ولم تكن له شريعة مستقلة ، بل كان يتّبع شريعة الخليل
ويروّجها وينشرها.
وقد بعث الله يونس إلى مائة ألف أو
يزيدون وكان يعمل بشريعة موسى ، وهكذا حكم سائر الأنبياء المبعوثين في الآونة بعد
الآونة ، في ثنايا أزمنة أصحاب الشرائع.
فهؤلاء الأنبياء المروّجون لم يكونوا من
علماء الاُمّة حتى يكونوا مشمولين لدعوة أصحاب الشرائع ، بل كانوا ذوي دعوة وارشاد
، ووحي واعجاز ، خارجين عن دعوة من تقدمهم ، داعين إلى أنفسهم ونبوّتهم وإن كانوا
آخذين بشريعته وكانت الاُمّة التي بعث هؤلاء إليهم مكلّفة بتلبية نداء هذا النبي
الجديد ، والاقتداء بهداه والاتباع لقوله وفعله وهذا دليل على انقطاع نبوّة النبي
السالف ورسالته أو عدم سعته من أوّل الأمر كما إذا كانا متعاصرين مثل لوط
وإبراهيم.
نعم ، لم تكن هذه الجماعة كنفس أصحاب
الشرائع أيضاً ، أنبياء عالميين بعثوا لهداية من في الشرق والغرب ، بل كانوا
أنبياء محليين [١]
مبعوثين إلى أقوامهم ومناطقهم المستعدة للبعث كنفس أصحاب الشرائع.
فثبت بذلك أنّ نبوّة مثل موسى كانت
محدودة بأمرين :
الأوّل
: انّ نبوّته كانت اقليمية لا عالمية.
الثاني
: انّ نبوّته كانت منقطعة ، ببعث نبي
بعده ، وإن لم يكن صاحب شريعة ، بل مروّجاً وتابعاً لشريعته ، وبقاء الشريعة ، غير
عمومية النبوّة.
نعم ، النبوّة بمعنى الصفات الحاصلة
للنبي مثل علمه ، لا ترتفع بموته ، لبقاء روحه المقدسة ونفسه الكريمة ، والنبوّة
بهذا المعنى لا ترتفع إلى الأبد ، بل المراد ما تستتبعه هذه الصفات من كونه قائداً
رسمياً من جانب الله سبحانه ، يجب على الناس الانتماء والانتساب إليه ، بحيث يعد
الانسان من تابعيه واقعاً ، وهذا المعنى أمر قابل