ربّما يستدل على كون دعوة نوح والخليل
والكليم والمسيح عالمية بقوله سبحانه : (شَرَعَ
لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ( الشورى ـ ١٣
) ويستند في كيفية الاستدلال إلى ما أفاده العلاّمة الطباطبائي حيث قال :
يستفاد من الآية اُمور :
أحدها : انّ السياق بما أنّه يفيد
الامتنان وخاصة بالنظر إلى ذيل الآية ، والآية التالية يعطي أنّ الشريعة المحمدية
جامعة للشرائع الماضية ولا ينافيه قوله تعالى : (لِكُلٍّ
جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) ( المائدة ـ
٤٨ ) لأنّ كون الشريعة شريعة خاصة لا ينافي جامعيتها.
الثاني : انّ الشرائع الإلهية المنتسبة
إلى الوحي إنّما هي شريعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ لو كان هناك غيرها لذكر قضاء لحق
الجامعية المذكورة.
ولازم ذلك أوّلاً : انّ لا شريعة قبل
نوح عليهالسلام بمعنى
القوانين الحاكمة في المجتمع الانساني الرافعة للاختلافات الاجتماعية ، وقد تقدم
نبذة من الكلام في ذلك في تفسير قوله تعالى : (كَانَ
النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) ( البقرة ـ ٢١٣
).
وثانياً : انّ الأنبياء المبعوثين بعد
نوح كانوا على شريعته إلى بعثة إبراهيم وبعدها على شريعة إبراهيم إلى بعثة موسى
وهكذا.