الصحابة إلى يوم
القيامة من العرب والعجم ؟ [١]
فالآية دالة على عمومية الرسالة مضافاً إلى خاتميتها.
هذه جوانب تلقي ضوءاً على البحث ، وتهدف
إلى أمر واحد : وهو أنّ رسالته ذات نزعة عالمية ، غير محدودة بحد ، فلا يحدها قطر
، ولا يقيّدها شيء آخر من ألوان التحديد والتقييد ، نعم مبدأ البرهان في كل واحد
منها يختلف مع ما في الآخر ـ كما يظهر ذلك بالإمعان والتدبّر ـ [٢].
البرهان على عمومية رسالته بوجه آخر :
وهناك لون آخر من البحث يتصل اتصالاً
وثيقاً بطبيعة الإسلام ، وبفكرته الكلية ، عن الكون والحياة والإنسان ، ونظرته
الوسيعة الثاقبة في التقنين والتشريع وإن شئت فاجعله خامس الوجوه.
بيانه : أنّ الحقائق الراهنة التي جاء
بها الصادع بالحق ، في مختلف الأبواب والفصول ، لا تستهدف سوى تبنّي الواقع ، ولا
تأخذ غيره دعامة ، ولا تخضع لشرط من الشرائط الزمانية إلاّ لنفس الأمر.
وإن شئت فقل : إنّ الإسلام لا يعتمد في
أحكامه وتشريعاته وما يرجع إلى الانسان في معاشه ومعاده ، إلاّ على مقتضى الفطرة
التي فطر عليها كلّ بني الإنسان والسائدة في كافة أفراده ، في عامة أقطار الأرض
جميعاً ، وإذا كان الحكم والتشريع موضوعاً على طبق الفطرة الانسانية السائدة في جميع
الأقطار والأفراد ، فلا وجه
[٢] هذه الوجوه
الأربعة تختلف في طريق البرهنة على المطلب ، فقد استدل في الوجه الأوّل بتصريح
القرآن على عموم رسالته ، واعتمد في الثانية على شمولية هتافات القرآن وعمومية
خطاباته في الفروع والاُصول ، وفي ثالثها على أنّ القرآن كثيراً ما يتخذ العنوان
العام لموضوع أحكامه ، وفي رابعها على نص القرآن بأنّ هدايته وانذاره لا يختص بشعب
خاص.