الإخبار عن اُمم قد خلت من قبل وطويت
حياتها ، فأصبحوا ممّا لا يرى حتى مساكنهم ومواطنهم ، من دون أن يرجع إلى كتب
السير والتاريخ والكهنة والربانيين أو يطالع كتاباً أو باباً خاصاً في هذا
الموضوع. ومثله الخبر عن شؤون البشر في مستقبل أدواره وأطواره ، والاشعار بملاحم
وفتن وأحداث في مستقبل الزمن ، كإخبار القرآن عن إنّ ابا لهب وامرأته يموتان
كافرين ، في قوله تعالى : (تَبَّتْ
يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ
عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ
نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ
حَمَّالَةَ الحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ
مِّن مَّسَدٍ) ( المسد : ١ ـ ٥ ) ، وإخباره عن غلبة
الروم ، بعد بضع سنين في قوله سبحانه : (الم
* غُلِبَتِ
الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ
غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ
... ) ( الروم : ١
ـ ٤ ).
وتلحق بذلك الاُمور التي قيل اختص علمه
بها سبحانه ، كوقت الساعة : والمستور في ظلمات الارحام ، ... الواردة في قوله
سبحانه : (إِنَّ اللهَ عِندَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا
تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ
تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ( لقمان ـ ٣٤
).
وسوف نرجع إلى البحث عن هذه الآية وتقف
على نظرنا فيها.
الثالث :
الإخبار عن بعض الموجودات أو النواميس
السائدة في الكون ، وقد كان مغيباً عند نزول الوحي عن ادراك الحواس المجردة عن
الأدوات المخترعة في هذا الزمان ، كإخباره سبحانه عن زوجية الأشياء عامة بقوله : (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( الذاريات ـ ٤٩ ) ووجود الدابة في
السماوات بقوله : (وَمِنْ
آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ
وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ