إلى غير ذلك من إخباراته عن الحقائق
العلمية والنواميس المطردة في الكون.
ثمّ إنّ الزرقاني أرجع اُصول أنباء
الغيب الواردة في القرآن إلى اُمور ثلاثة على وجه يقرب ممّا ذكرناه ، قال : من ذلك
قصص عن الماضي البعيد ، المتغلغل في أحشاء القدم ، وقصص عن الحاضر الذي لا سبيل
لمحمد إلى رؤيته ومعرفته فضلاً عن التحدث به وقصص عن المستقبل الغامض الذي انقطعت
دونه الأسباب وقصرت عن إدراكه الفراسة والألمعية والذكاء ـ إلى أن قال : ـ أمّا
غيوب الماضي فكثيرة تتمثّل في تلك القصص الرائعة التي يفيض بها التنزيل ولم يكن
لمحمد إليها من سبيل كقصة نوح ، وموسى ، ومريم ، وأمّا غيب الحاضر فنريد به ما
يتصل بالله تعالى والملائكة والجن والجنّة والنار ونحو ذلك ممّا لم يكن للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سبيل إلى رؤيته ولا العلم به ، فضلاً
عن أن يتحدث عنه على هذا الوجه الواضح.
ومن غيب الحاضر أو الماضي ما جاء في طي
القرآن من حقائق ومنافع ومبادئ لم يكشف عنها إلاّ العلم الحديث ، وأمّا غيب المستقبل
فهو تنبّأ بحوادث وقعت كما أخبر ... [١].
نعم أرجع العلاّمة الشهرستاني أنواع
المغيبات إلى ثمانية أقسام [٢]
ويرجع اُصولها إلى الوجوه الثلاثة التي أوضحناها.
ثمّ إنّ هذا التقسيم ، إنّما هو بالنسبة
إلى البشر المحدود ، الذي تغيب الأشياء عنه ، وأمّا بالنسبة إليه سبحانه فالأشياء
كلّها حاضرة لديه ، بأعيانها الخارجية فالماضي والحال والمستقبل عنده سواسية : (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ
ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) ( يونس : ٦١
) فهو المحيط بكل ما دق وجل ، ولا يشذ عن محيط علمه خبر خطير ولا صغير ... إلاّ يعلم
من خلق ، وهو اللطيف الخبير.