بالنسبة إلى حاسّة
السمع ، والمسموعات التي ينالها السمع ، شهادة بالنسبة إليه ، وغيب بالنسبة إلى
البصر ، ومحسوساتهما جميعاً من الشهادة بالنسبة إلى الانسان الذي يملكهما في بدنه
ومن الغيب بالنسبة إلى غيره من الاناسي [١].
وبذلك يصح لنا أن نصطلح ونعبّر عن الغيب
البحت [٢] ب « الغيب
عن العالم المادي » وعن الغيب النسبي ب « الغيب في العالم ».
بما أنّ الغيب البحت ، لا يخرج عن تحت
الخباء ، فلا يتفاوت حاله بحسب الظروف والأحوال ، فالواجب على الانسان ، الإيمان
به ، إذا قام الدليل على وجوده لامتناع شهودها ، والتعرف على حقيقتها ما لم يخرق
الانسان الحجب المادية ، ولم يلق الستار عن مشاعره ، حتى يتعرّف عليها كتعرّفه على
المحسوسات ولا يحصل ذلك إلاّ بالموت ، والتحلل من الجسد ، والتحرر من المادة حتى
يصدق عليه قوله سبحانه :
إنّ المغيبات الواردة في القرآن لا تزيد
اُصولها على أقسام ثلاثة :
الأوّل :
الخبر عن الله سبحانه وأسمائه وصفاته ،
والخبر عن الروحانيات وملائكته وتدبيره العوالم الأرضية ، والسماوية ، وشؤون
الاحياء بعد الموت في البرزخ وحالة الأرواح قبل المعاد وبعده من نعيم أو جحيم ،
والقرآن يموج بهذه المعاني الغيبية المطلقة التي لا
[٢] ما أسميناه
غيباً بحتاً فإنّما هو مجرد اصطلاح ليحصل الفرق بين القسمين وإلاّ فإنّما هو غيب
بحت بالنسبة إلى العالم المادي ، وأمّا بالنسبة إلى نفسه أو ما يسانخه من
الموجودات أو الواجب سبحانه فليس غيباً أصلاً.