والمحدث على ما تشرحه الأحاديث من
تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ولا رؤية صورة ، أو يلهم له ويلقى في روعه شيء من العلم
على وجه الالهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على
غيره.
روى البخاري عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقد كان في من كان قبلكم من بني
اسرائيل رجال يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء [١].
روى شيخ الطائفة باسناده عن أبي عبد
الله قال كان علي عليهالسلام
محدثاً وكان سلمان محدثاً ، قال : قلت فما آية المحدث ؟ قال : يأتيه ملك فينكت في
قلبه ومنّا من يخاطب [٢].
قال صدر المتألهين في الفاتحة الحادية
عشرة :
« اعلم أنّ الوحي إذا اُريد به تعليم
الله عباده ، فهو لا ينقطع أبداً ، وإنّما انقطع الوحي الخاصّ بالرسول والنبي من
نزول الملك على اُذنه وقلبه » [٣].
نعم ليس كل من رمى أصاب الغرض ، وليست
الحقائق رمية للنبال ، وإنّما يصل إليها الأمثل فالأمثل ، فلا يحظى بما ذكرناه من
المكاشفات الغيبية والفتوحات الباطنية إلاّ النزر القليل ممّن خلص روحه وصفا قلبه
، كما كان كذلك في الاُمم السابقة أيضاً.