مثل اُمّة نوح وعيسى
وموسى ، رسولاً يدعوهم إلى دين الحق ويهديهم إلى صراطه ، وأمّا أمد رسالة الرسول
وكميتها ، فالآية غير ناظرة إليه ، لا صريحاً ولا تلويحاً لا مفهوماً ولا منطوقاً
ولا مانع من أن يكون إحدى هذه الرسالات غير محدودة بحد خاص ، ويكون صاحبها خاتم
الرسل ودينه خاتم الأديان ، وقد دلّ القرآن على أنّ نبي الإسلام هو ذاك ، كما
تقدمت دلائله.
أتجد من نفسك أنّ الآية تشير إلى تحديد
الشريعة بعد الإسلام ، لا ، لا تجده من نفسك ، ولا يجد ذلك أيضاً كل متحرر عن قيد
العصبية.
وأمّا الآية الثانية ، فكشف الغطاء عن
محيا الحق ، يحتاج إلى توضيح وتحقيق معنى « الاُمّة » الواردة في الكتاب والسنّة ،
فنقول :
قال الراغب : الاُمّة ، كل جماعة يجمعهم
أمر ما : أمّا دين ، أو مكان ، أو زمان ، وهذا الجامع ربّما يكون اختيارياً وقد
يكون تسخيرياً [١].
هذه الحقيقة التي كشف عنها الراغب ، هو
الظاهر من الكتاب والسنّة وموارد الاستعمال وصرّح بها الجهابذة من اللغويين ،
ودونك توضيح ما أفاده الراغب :
الجامع الديني ، كما في قوله سبحانه : (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن
ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) ( البقرة ـ ١٢٨
) وقوله سبحانه : (كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ) ( آل عمران ـ
١١٠ ).
الجامع الزماني كقوله سبحانه : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ
أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ
[١] المفردات للراغب
ص ٢٣ مادة « اُم » وكان الأولى أن يضيف إلى هذه الجوامع لفظ « أو غيره » إذ لا
ينحصر الجامع بهذه الثلاثة وليس المقصود أنّ هذه الجوامع داخلة في مفهموم «
الاُمّة » حتى يقال : أنّ توصيف الاُمّة في الآية بكونها « مسلمة » دليل على
خروجها عن مفهوم الآية ، بل المراد أنّ هذه الجوامع تكون مصححة ، لاطلاقها على
الجماعة.