ومعنى ذلك أنّ الذي يستحق العبادة هو من
كان إلهاً ، وليس هو إلاّ الله ، وعندئذ فكيف تعبدون ما ليس بإله ؟! وكيف تتركون
عبادة الله وهو الإله الذي يجب أن يُعبد دون سواه ؟!
وقد ورد مضمون هذه الآية في [١٠] موارد أو أكثر في القرآن الكريم ،
ويمكن للقارئ الكريم أن يراجع ـ لذلك ـ الآيات التالية :
فهذه التعابير ( التي هي من قبيل تعليق
الحكم على الوصف ) تفيد أنّ العبادة هي ذلك الخضوع والتذلّل النابعين من الاعتقاد
بإلوهية المعبود ، إذ نلاحظ ـ بجلاء ـ كيف أنّ القرآن استنكر على المشركين عبادة
غير الله بأنّ هذه المعبودات ليست آلهة ، وإنّ العبادة من شؤون الإلوهية ، فإذا
وجد هذا الوصف ( أي وصف الإلوهية ) في الطرف جاز عبادته واتخاذه معبوداً ، وحيث
إنّ هذا الوصف لا يوجد إلاّ في الله سبحانه لذلك يجب عبادته دون سواه.
سؤال وجواب
أمّا السؤال فهو أنّه لا شك أنّ الدعوى
الأُولى ثابتة ، فالمشركون كانوا معتقدين بإلوهية الأوثان ، وما أورد من الآيات قد
أثبتت ذلك بوضوح ، غير أنّ الدعوى الثانية غير ثابتة ، وقصارى ما يستفاد من هذه
الآيات هو أنّ عبادتهم كانت ناشئة من الاعتقاد بالوهيتها ، وهذا لا يدل على دخول
مفهوم الإلوهية في مفهوم العبادة كما هو المدّعى ، أو دخول كون النشوء عن ذلك الاعتقاد
، في مفهومها.