في التحليل ـ المذكور فيما سبق ـ بيّنا
بوجه مبسوط أوّل الأجوبة التي يجيب بها العلماء على الثنويين ، واتضح أنّ الشر أمر
عدمي ، والأمر العدمي الذي هو نوع من الفقدان لا يحتاج إلى خالق وفاعل وموجد ،
وفيما يلي نعمد إلى توضيح ثاني أجوبتهم.
الشر أمر نسبي
إنّ لفظة « الحقيقي » و « النسبي » من
الألفاظ الرائجة في اصطلاح العلماء كما هي تستعمل في كثير من العلوم الإنسانية
والتجريبية ، وإليك توضيحها :
كل موجود نصفه بصفة أمّا أنّه موصوف
بتلك الصفة في كل حال مع قطع النظر عن أي شيء وهذه ما نسمّيها ب « الصفة الحقيقية
» ، مثلاً صفة الحياة ثابتة للموجود الحي على وجه الحقيقة ، ولا حاجة إلى توصيفه
بصفة الحياة إلى أي نوع من المقارنة والمقايسة ولأجل ذاك تكون الحياة بالنسبة للحي
صفة حقيقية ، ووصفه بالحياة توصيفاً حقيقياً وواقعياً.
فكون المتر يتألف من (١٠٠) سنتيمتر
واقعية ثابتة للمتر في جميع الحالات ، ولا حاجة لتوصيف المتر بهذه الكمية إلى أي
نوع من المقايسة بشيء.
ويقابل الوصف الحقيقي « الوصف النسبي »
، بمعنى أنّ الشيء ما لم يقس ويقارن بشيء آخر ، وما لم يكن هناك موجود آخر لا يمكن
توصيف الشيء بصفة.
فالصغر والكبر ـ مثلاً ـ من الأوصاف
التي لا يمكن أن يوصف بهما شيء من الأشياء إلاّ إذا كان هناك شيء ثان يقاس به هذا
الشيء ، حتى يمكن أن يقال