وعلى هذا فإنّ الموت والجهل والفقر
إنّما تكون شروراً لكونها ترافق أنواعاً من العدم ، فالعلم كمال وواقعية يفقدها
الجاهل ، والحياة حقيقة وكمال يفقدها الميت ، والفقير هو ـ بالتالي ـ من يفقد
المال الذي يعيش بسببه.
خلاصة القول
إنّه ليس في هذا الوجود إلاّ نوع واحد
من الموجودات ، وهو ما يكون خيراً وجميلاً وحسناً.
أمّا الشرور فهي من نوع العدم ، والعدم ليس
مخلوقاً ، بل هو من باب « عدم الخلق » وليس من باب « خلق العدم ».
ولهذا ( أي الوجود الخير فقط ) لا يمكن
أن يقال أنّ للعالم خالقين : أحدهما خالق الخير ، والآخر خالق الشر ، إنّ مثل
الوجود والعدم مثل الشمس والظل ، فعندما نقيم في الشمس شاخصاً يحدث على الأرض ظل
بسبب ذلك الشاخص الذي منع من وصول النور.
وما الظل في الحقيقة إلاّ عدم النور ،
لأنّ الظل هو الظلمة ، والظلمة ليست إلاّ « عدم » النور ، فلا يصح أن نتساءل ـ هنا
ـ : ما هي حقيقة الظل ؟ إذ ليست للظل واقعية خارجية وحقيقة عينية تقابل حقيقة
النور وجوهره ، إنّما الظل هو : عدم النور ومعنى هذا أنّه ليس للظل أو الظلمة منبع
ينبعان ، ومنشأ ينشآن منه.
هذا ولصدور الآفات والشرور من جانب الله
توجيهات أُخرى نذكرها فيما يأتي.