نام کتاب : الشيخ الطوسي مفسراً نویسنده : خضير جعفر جلد : 1 صفحه : 129
وهو قوله تعالى : (َتَغْشَى وُجُوهَهُمْ
النَّارُ)[١].
ويأتي اهتمام المفسرين بهذا اللون من
التفسير ، لأنّ القرآن وكما قال عنه الإمام علي عليهالسلام
: ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض [٢].
وبهذا يقول الزمخشري مادحاً لهذا النوع
من التفسير : « أسد المعاني ما دل عليه القرآن »[٣].
ويقول ابن تيمية :
ان أصح الطرق في ذلك ـ يعني التفسير ـ
أن يفسر القرآن بالقرآن فما أُجمِلَ في مكان قد فسر في موضع آخر ، وما أُختصر في
مكان فقد بسط في موضع اخر [٤].
والشيخ الطوسي اعتمد هذا الأُسلوب في
تفسيره لآيات الكتاب المبين ، فتراه أحياناً يفسر مفردة قرآنية بجمع القرائن
الدالة على معناها ، من خلال إحضاره لعدد من الآيات التي تشكل بمجموعها دليلاً
قاطعاً على المراد ، كما نجده أحياناً يثبت حكماً شرعياً تنص عليه آية بضمه آيات أُخرى
إليها فتتكامل الصورة الداخلة على الحكم من خلال آياتٍ قرآنيةٍ متفرقة يعمل الطوسي
على جمعها في المورد ، كما يستعين بالآيات القرآنية أحياناً في دعم رآي له ، أو رد
آراء غيره من المفسرين عندما يراهم قد ابتعدوا في تفسيرهم عن الصواب ، كما يحاول
في مناسباتٍ عديدة من أن يحل إشكالاً ظاهريا أو تناقضاً بدويّاً بين بعض الآيات القرآنية
، وبهذا يكون الطوسي قد استفاد من القرآن أيما استفادة في شرحه لمعاني الآيات ومفاهيمها
، وهنا نورد جملة من الشواهد التي تؤكد انتهاجه لهذا النوع من التفسير ، فهو عند تفسيره
لكلمة الرب في قوله تعالى (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ)[٥] قال :
أمّا الرب فله معنيان في اللغة ،
فيسمى السيد المطاع ربا ، ومنه قوله تعالى : (أَمَّا أَحَدُكُمَا
[١] الطبرسي ، مجمع
البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٧٨. والآية : إبراهيم ( ١٤
) ٥٠.
[٢] محمد عبده ، شرح
نهج البلاغة ، ج ٢ ، ص ١٧ ، بيروت.