إعلم ـ يرحمك الله ـ أن كل ما يتعلمه
العباد من أصناف الصنائع ، مثل : الكتّاب ، والحساب ، والتجارة ، والنجوم ،
والطب ، وسائر الصناعات ، والأبنية ، والهندسة ، والتصاوير ما ليس فيه
مثال الروحانيين ، وأبواب صنوف الآلات التي يحتاج إليها مما فيه منافع
وقوام المعايش ، وطلب الكسب ، فحلال ، كله تعليمه
والعمل به وأخذ الاُجرة عليه ، وإن قد تصرف بها في وجوه المعاصي أيضاً مثل
استعمال ما جعل للحلال ثم يصرف إلى أبواب الحرام ، في مثل معاونة الظالم ،
وغير ذلك من أسباب المعاصي ، مثل الإناء والأقداح وما أشبه ذلك ، ولعلة ما
فيه من المنافع جائز
تعليمه وعمله ، وحرم على من يصرفه إلى غير وجوه الحق والصلاح التي أمر الله
بها دون
غيرها.
اللهم إلا أن يكون صناعة محرمة أو
منهياً عنها مثل : الغناء ، وصنعة الامة ، وبناء البيعة والكنائس وبيت
النار ، وتصاوير ذوي الأرواح على مثال الحيوان أو الروحاني ، ومثل صنعة
الدف والعود وأشباهه ، وعمل الخمر والمسكر والآلات التي لا تصلح في شيء من
المحللات ، فحرام عمله وتعليمه ولا يجوز ذلك ، وبالله التوفيق [١].