responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 4  صفحه : 139

الثالث : إنّ الحديث نص أو ظاهر في الحصر ، مع أنّه ورد في الصحيح أنّ النبي كان يأتي مسجد قبا راكباً وماشياً يصلّي فيه [١] فكيف يجتمع هذا العمل مع هذا الحصر ، ولسان الحديث لسان الإباء عن التخصيص؟ فلا يصحّ لنا أن نقول إنّ النهي خصّص بعمل النبي ، وهذا ربما يكشف عن كون الحديث غير صحيح من رأس ، أو أنّه نقل محرّفاً ، خصوصاً أنّه نقل عن طريق أبي هريرة ، والاستدلال بمتفرداته أمر مشكل ، وقد تنبّه ابن تيمية لهذا الإشكال فحاول أن يرفع التناقض بين الحصر ، فقال : « إنّه يستحب لمن كان بالمدينة أن يذهب إلى مسجد قبا » ولكنّه لا يرفع الإشكال ، فإنّ الكلام في تخصيص النص الدال على الحصر ، وأنّه لا يشد إلى غيره أبداً ، سواء المقيم والمسافر.

هذا كله على فرض كون المستثنى منه هو المسجد ، وقد عرفت كونه أجنبياً عن السفر إلى غير المساجد ، وبما أنّ المستثنى منه هو المسجد فالمناسب هو كون المستثنى من هذا القبيل.

وأمّا على التقدير الثاني وهو تقدير الأماكن وما يقاربه ويعادله ، فلازم ذلك أن تكون كافة الأسفار محرّمة غير السفر إلى المساجد الثلاثة ، وهل يلتزم بذلك مسلم ، وهل يفتي به أحد؟ كيف ولو كان الحديث بصدد منع كافة الأسفار المعنوية ، فكيف كان النبي والمسلمون يشدّون الرحال في موسم الحج إلى عرفات والمشعر ومنى ، وهذا دليل على أنّ المستثنى منه هو المساجد لا الأماكن.

أضف إلى ذلك أنّ الذكر الحكيم والأحاديث الصحيحة حثّا على السفر إلى طلب العلم ، والجهاد في سبيل اللّه ، وصلة الرحم ، وزيارة الوالدين ، قال سبحانه : ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَة مِنْهُم طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدّينَ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يَحْذَرُونَ ) [٢].


[١] صحيح مسلم ج ٤ ص ١٢٧ وصحيح البخاري ج ٢ ص ١٧٦ السنن للنسائي ، المطبوع مع شرح السيوطي ج ٢ ص ١٢٧.

[٢] سورة التوبة : الآية ١٢٢.

نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 4  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست