نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 4 صفحه : 106
فالمهم في المقام دراسة ما ورد في الشرع
حول التبرك بآثار الأنبياء والأولياء ، وتبيين موضع الصحابة من آثار الرسول الأكرم
صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبل أن
نسرد بعض ما وقفنا عليه ، نشير إلى كتابين كريمين في ذلك المجال :
١ ـ « تبرك الصحابة » للشيخ محمد طاهر
مكي ، من علماء الحرم الشريف ، طبع مكة المكرمة.
٢ ـ « التبرك » تأليف الأستاذ الفذ
الشيخ علي الأحمدي ، وقد استقصى فيه جل ما ورد في التبرك ، ولا اظن أن من قرأ هذين
الكتابين يبقى له الشك في جوازه ، إن كان ممن يستمع القول فيتّبع أحسنه ، وإلاّ
يزيده إلاّ خساراً.
التبرّك في القرآن الكريم
إنّ القرآن الكريم يذكر أنّ يوسف أمر
البشير أن يذهب بقميصه إلى ابيه ، وقال : القوا بقميصي هذا على وجهه فيعود بصيراً
، واللّه سبحانه يحكي عن يوسف هكذا : ( اذهَبُوا بِقَميصي
هَذَا فَألْقُوهُ عَلَى وَجهِ أبي يَأتِ بَصيراً واتوني بِأهْلِكُم أجْمَعين )[١]( فَلَمّا جَاءَ البَشيرُ ألْقاهُ عَلَى وَجهِهِ
فارتَدّ بَصيراً قَالَ ألَمْ أقُلْ لَكُمْ إنّي أعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لا
تَعْلَمُونَ )[٢] فالآيات
صريحة في أن يعقوب تبرّك بقميص ابنه يوسف ، ولا شك أن قميص يوسف كان من القطن ،
والقطن كالحديد الّذي يصنع منه الأضرحة والأبواب ، والقطن والحديد لا يؤثران في
رفع المرض وكشف الكربة ، ولكنّه سبحانه تكريماً للنبي يمنّ على المريض بالشفاء بعد
التبرك به ، وكأنّ هناك صلة معنوية غير مرئية ولا ملموسة ولا مدركة في المختبرات بين
التبرك بالقميص وآثار الأنبياء ونزول الشفاء من اللّه سبحانه ، كما نرى تلك
الرابطة بين استعمال الدواء وحصول البرء بعده ، ومن المعلوم أنّه سبحانه هو مسبب
الأسباب ، وجاعل السببية للسبب.