نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 29
كلام لأبي زهرة
إنّه تصدى للرد على المعتزلة ومهاجمتهم
، فلابدّ أن يلحن بمثل حجتهم ، وأن يتّبع طريقتهم في الاستدلال ، ليفلح عليهم ،
ويقطع سباتهم ، ويفحمهم بما بين أيديهم ، ويرد حججهم عليهم.
إنّه تصدى للرد على الفلاسفة ، والقرامطة
، والباطنية ، والحشوية والروافض وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة ،
وكثير من هؤلاء لا يقنعه إلاّ أقيسة البرهان ، ومنهم فلاسفة علماء لا يقطعهم إلاّ
دليل العقل ، ولا يرد كيدهم في نحورهم أثر أو نقل.
ولقد نال الأشعري منزلة عظيمة ، وصار له
أنصار كثيرون ، ولقي من الحكام تأييداً ونصراً ، فتعقّب خصومه من المعتزلة
والكفّار ، وأهل الأهواء في كلّ مكان ، وبث أنصاره في الأقاليم والجهات ، يحاربون
خصوم الجماعة ومخالفيها ، ولقّبه أكثر العلماء بإمام أهل السنّة أو الجماعة.
ولكن مع ذلك بقي له من علماء الدين مخالفون
منابذون ، فابن حزم يعدّه من الجبرية ، لرأيه في أفعال الإنسان [١] ، ويعده من المرجئة لرأيه في مرتكب
الكبيرة [٢]
، وقد تعقّبه في غير هاتين المسألتين ، ولكن مع ذلك ذاب مخالفوه في لجة التاريخ
الإسلامي ، واشتد ساعد أنصاره جيلاً بعد جيل ، وقويت كلمتهم وقد حذوا حذوه ،
وسلكوا مسلكه ، وقاموا بما كان يقوم به هو والماتريدي من محاربة المعتزلة
والملحدين ، ومنازلة لهم في كلّ ميدان من ميادين القول ، وكلّ باب من أبواب
الإيمان ، ومذاهب اليقين.
ومن أبرزهم وأقواهم شخصية وأبينهم أثراً
أبو بكر الباقلاني [٣]
، فقد كان عالماً كبيراً ، هذّب بحوث الأشعري ، وتكلّم في مقدمات البراهين العقلية
للتوحيد ، فتكلم في الجوهر والعرض ، وأنّ العرض لايقوم بالعرض ، وأنّ