نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 23
كان يورد الأسئلة
على أُستاذيه في الدرس ولا يجد لها جواباً شافياً ، فيتحير في ذلك ، فحكي أنّه قال
:
وقع في صدري في بعض الليالي شيء ممّا
كنت فيه من العقائد ، فقمت وصليت ركعتين ، وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق
المستقيم ، ونمت فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بالمنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عليك بسنّتي ، فانتبهت وعارضت مسائل
الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار فأثبته ، ونبذت ما سواه ورائي ظهرياً.
٢ ـ نقل أيضاً عن الأشعري أنّه قال :
بينا أنا نائم في العشر الأُول من شهر رمضان ، رأيت المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا علي أنصر المذاهب المروية
عني فإنّها الحقّ ، فلمّا استيقظت دخل عليّ أمر عظيم ، ولم أزل مفكراً مهموماً
لرؤياي ، ولما أنا عليه من إيضاح الأدلة في خلاف ذلك ، حتى كان العشر الأوسط فرأيت
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام
فقال لي : ما فعلت فيما أمرتك به؟ فقلت : يا رسول الله ، وما عسى أن أفعل وقد
خرّجت للمذاهب المروية عنك وجوهاً يحتملها الكلام ، واتّبعت الأدلة الصحيحة التي
يجوز إطلاقها على الباري عزّوجلّ؟ فقال لي : أنصر المذاهب المروية عني فإنّها
الحقّ ، فاستيقظت وأنا شديد الأسف والحزن ، فأجمعت على ترك الكلام واتبعت الحديث
وتلاوة القرآن ؛ إلى آخر ما ذكره من الرؤيا. [١]
وكان الأولى للمحقّق ترك نقل هذه
المنامات ، لأنّ العوام والسذج من الناس إذا أعوزتهم الحجة في اليقظة ، يلجأون إلى
النوم فيجدون ما يتطلبونه من الحجج في المنام ، فيملأون كتبهم بالمنامات والرؤى.
أضف إلى ذلك وجود التهافت بين المنامين
، فإنّ الأوّل يعرب عن ظهور الشكّ في صحّة معتقداته قبل المنام وتزايده إلى أن أدى
إلى التحول والبراءة بسبب الرؤيا ، ولكن الثاني يعرب عن أنّ التحول كان فجائياً
غير مسبوق بشيء