نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 22
وأقدم مصدر يذكر ذلك
هو ابن النديم في ( فهرسته ) حيث يقول : أبو الحسن الأشعري من أهل البصرة ، كان
معتزلياً ثمّ تاب من القول بالعدل وخلق القرآن ، في المسجد الجامع بالبصرة ، في
يوم الجمعة رقي كرسياً ، ونادى بأعلى صوته : من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا
أعرّفه نفسي ، أنا فلان بن فلان ، كنت قلت بخلق القرآن ، وإنّ الله لا يرى
بالأبصار ، وإنّ أفعال الشر أنا أفعلها. وأنا تائب مقلع معتقد للرد على المعتزلة ،
وخرج بفضائحهم ومعايبهم. وكان فيه دعابة ومزح كبير. [١]
وقد أوعز إلى إنابة الأشعري عن منهج
الاعتزال كثيرمن علماء التراجم ، غير أنّهم لم يشيروا إلى الحوافز التي دعت الشيخ
إلى هذا الانسلاخ ، ولم يخطر ببالهم سبب له سوى انكشاف الخلاف عليه في المذهب الذي
كان يتمذهب به من شبابه إلى أوائل كهولته ، ولأجل ذلك يجب التوقف هنا إجمالاً ،
حتى نقف على بعض الحوافز الداعية له إلى الإنابة عن الاعتزال.
سبب رجوعه عن الاعتزال
إنّ رجوع الأشعري عن منهج الاعتزال كان
ظاهرة روحية تطلب لنفسها علة وسبباً ، ولا يقف عليها مؤرخ العقائد إلاّ بالغور في
حياته ، وما كان يحيط به من عوامل اجتماعية أو سياسية أو خلقية.
إلاّ أنّ قلم الخيال والوهم ، أو قلم
العاطفة ، أعطى للموضوع مسرحية خاصة أقرب إلى الجعل والوضع منها إلى الحقيقة ،
فنقلوا منامات كثيرة أمر فيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
أبا الحسن أن ينصر سنّته ، ويرجع عمّا كان فيه. غير أنّي أضن بوقت القارئ أن أنقل
كلّ ما جاء به ابن عساكر في « تبيينه » في ذلك المجال ، وإنّما أكتفي بنموذج بل
نموذجين منه :
١ ـ نقل بسنده عن أحمد بن الحسين
المتكلّم قال : سمعت بعض أصحابنا يقول : إنّ الشيخ أبا الحسن لما تبحّر في كلام
الاعتزال فبلغ غايته ،
[١] فهرست ابن
النديم : ٢٧١ ووفيات الأعيان : ٣/٢٨٥.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 22