نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 24
من الشك والتردد في
صحّة المنهج الذي عاش عليه فترة من عمره.
وكما لا يمكن الاعتماد على هذه المنامات
، لا يمكن الركون إلى النقل التالي أيضاً.
٣ ـ إنّ الأشعري أقام على مذهب المعتزلة
أربعين سنة وكان لها إماماً. ثمّ غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً ، ثمّ خرج
إلى الجامع وصعد المنبر وقال : معاشر الناس إنّما تغيبت عنكم في هذه المدة ، لأنّي
نظرت فتكافأت عندي الأدلّة ولم يترجح عندي حقّ على باطل ولا باطل على حق ؛ فاستهديت
الله تبارك وتعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه ، وانخلعت من جميع ما
كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا ؛ وانخلع من ثوب كان عليه ، ورمى به. ودفع
الكتب إلى الناس ، فمنها كتاب « اللمع » وكتاب أظهر فيه عوار المعتزلة وسمّاه ب ـ
« كشف الأسرار وهتك الأسرار » وغيرهما ، فلمّا قرأ تلك الكتب أهل الحديث والفقه من
أهل السنّة والجماعة أخذوا بما فيها ، واعتقدوا تقدّمه ، واتّخذوه إماماً حتى نسب
إليه مذهبهم. [١]
ولا يصحّ هذا النقل من وجوه :
أمّا
أوّلاً : فلأنّ ظاهر كلامه ذاك أنّه قام
بتأليف هذه الكتب في أيام قلائل ، وهو في غاية البعد.
وأمّا
ثانياً : فلأن الناظر في كتابيه : ـ الإبانة
واللمع ـ يجد الفرق الجوهري بينهما في عرض العقائد ، فالأوّل منهما هو الذي ألّفه
بعد انخراطه في مسلك أهل الحديث. ولأجل ذلك أتى في مقدمة الكتاب بلب عقائد إمام
الحنابلة ، بتغيير يسير. وأمّا كتاب اللمع فهو كتاب كلامي لا يشبه كتب أهل الحديث
، ولا يستحسنه طلابه وأتباعه. وسيوافيك الكلام في ذلك عند عرض مذهب الأشعري من
خلال كتبه.
وأمّا
ثالثاً : فكيف يمكن أن يقال إنّه أقام على مذهب
أُستاذه أربعين سنة؟ فلو دخل منهج الأُستاذ في أوان التكليف للزم أن يكون عام
الخروج