نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 125
ثمّ إنّ للأشاعرة في مسألة « خلق
الأفعال » حججاً وأدلّة ، أو شبهات وتشكيكات يقف عليها وعلى أجوبتها من سبر الكتب
الكلامية للمحقّق الطوسي وشرّاح التجريد ، فراجع.
نظرية الكسب ومشكلة الجبر
ولما كان القول بأنّ أفعال العباد
مخلوقة لله سبحانه مستلزماً للجبر ، حاول الأشعري أن يعالجه بإضافة « الكسب » إلى
« الخلق » قائلاً بأنّ الله هو الخالق ، والعبد هو الكاسب ، وملاك الطاعة والعصيان
، والثواب والعقاب هو « الكسب » دون الخلق ، فكلّ فعل صادر عن كلّ إنسان مريد ،
يشتمل على جهتين« جهة الخلق » و « جهة الكسب » فالخلق والإيجاد منه سبحانه ،
والكسب والاكتساب من الإنسان.
والظاهر أنّ بعض المتكلّمين سبق الأشعري
في القول بالكسب.
قال القاضي عبد الجبار : إنّ جهم بن
صفوان ذهب إلى أنّ أفعال العباد لا تتعلق بنا. وقال : إنّما نحن كالظروف لها حتى
أنّ ماخلق فينا ، كان ، وإن لم يخلق لم يكن.
وقال ضرار بن عمرو [١] : إنّها متعلّقة بنا ومحتاجة إلينا ،
ولكن جهة الحاجة إنّما هي الكسب ، فقد شارك جهماً في المذهب ، وزاد عليه الإحالة. [٢]
أقول : إنّ نظرية الكسب التي انتشرت عن
جانب الإمام الأشعري مأخوذة عن ذلك المتكلّم المجبر ، ونقلها العلاّمة الحلي في «
كشف المراد » عن
[١] ضرار : من رجال
منتصف القرن الثالث وهو ضرار بن عمرو العيني قال القاضي في طبقاته : ص ١٣ : كان
يختلف إلى واصل ، ثمّ صار مجبراً وعنه نشأ هذا المذهب.
[٢] شرح الأُصول
الخمسة : ٣٦٣ ، وقد نقل الشيخ مقالة ضرار في كتابه مقالات الإسلاميين : ٣١٣ وقال :
والذي فارق ( ضرار بن عمرو ) المعتزلة قوله : إنّ أعمال العباد مخلوقة وإن فعلاً
واحداً لفاعلين ، أحدهما خلقه وهو الله ، والآخر اكتسبه وهو العبد ، وإنّ الله
عزّوجلّ فاعل لأفعال العباد في الحقيقة ، وهم فاعلون لها في الحقيقة....
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 125