إن أثر التوبة هو ازالة السيئات النفسانية التّي تجر إلى الانسان كل شقاء في حياته الأُولى و الأُخري، فيرجع التائب بعد ندمه و عزمه على الترك في المستقبل، أبيض السريرة، كيوم ولدته أُمّهُ، و بالتالي يسقط عنه العقاب.
و أما الأحكام الشرعية المترتبة على الأعمال السابقة فتبقى على حالها، اذ ليس للتوبة تأثير الا في إصلاح النفس و اعدادها للسعادة الأُخروية و لذلك يجب الخروج عن مظالم العباد أوّلا، و تدارك ما فات من الفرائض ثانياً، فأنّ السيئة العارضة على النفس بسبب هضم حقوق الناس لا ترتفع إلا برضاهم، لأنّه سبحانه احترم حقوقهم في أموالهم و أعراضهم و نفوسهم، وعدّ التعدي على واحد منها ظلماً وعدواناً، و حاشاه أن يسلبهم شيئاً مما جعله لهم من غير جرم صدر منهم و قد قال عز من قائل: (إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً)[2].
قال المفيد ـ رحمه الله ـ: «انّ من شرط التوبة الى الله سبحانه من مظالم العباد الخروج الى المظلومين من حقوقهم بأدائها اليهم أو باستحلالهم منها على طيبة النفس بذلك، و الاختيار له، فمن عدم منهم صاحب المظلمة و فقده خرج الى أوليائه من ظلامته أو استحلهم منها». [3]
و لأجل ذلك قال الامام أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ: «و الثالث: أن تؤدي الى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى اللّه أملس ليس عليك تبعة، و الرابع: أن تعمد الى كل فريضة ضيّعتها فتؤدّي حقها»[4].