نام کتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل نویسنده : مكي العاملي، محمد جلد : 4 صفحه : 326
و الدليل الثاني لا يفيد إلا وجوب العزم و هو أحد جزئي التوبة أو شرطها. و كيف كان، فكل من قال بالحسن و القبح العقليين، لا مناص له عن القول بوجوب التوبة وجوباً عقلياً، و ما جاء من طريق السمع يكون مرشداً إلى هذا الحكم العقلي.
و أما المنكرون لهما، فيذهبون الى وجوبها شرعاً، قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً)[1].
الأمر الرابع ـ هل تجب التوبة من الصغائر؟
إنّ ارتكاب أي معصية، صغيرة كانت أو كبيرة، جرأة على اللّه و خروج عن رسم العبودية وزيّ الرّقية، و هي تترك أثراً سيئاً في النفس بلا ريب، فيجب التوبة منها لإزالة أثرها من النفس. و اليه ذهب أبو علي الجبائي، من المعتزلة، و لكن الظاهر من ابنه أبي هاشم، عدم وجوب التوبة من الصغائر إلاّ سمعاً، و اختاره القاضي عبد الجبار، قائلا بأنّ التوبة انّما تجب لدفع الضرر عن النفس، و لا ضرر في ا لمعصية، فلا تجب التوبة منها، غاية الأمر انّ للصغيرة تأثيراً في تقليل الثواب، و لا ضرر في ذلك[2].
يلاحظ عليه: انّ ما ذكر مبني على أمرين غير ثابتين:
أـ أنّ المعاصي بالذات تنقسم الى صغائر و كبائر، و أنّ صغر المعاصي و كبرها ليس من الأُمور الاضافية النسبية، بل هناك صنفان من المعاصي لا يتداخل أحدهما في الآخر.
ب ـ انّ المعاصي الصغيرة لا يعاقب عليها ما لم يكن عليها إصرار.