فالآية الأُولى تشير إلى باعثين من بواعث الإنكار، بينهما صلة قوية، ولذلك أدمجناهما وجعلناهما باعثاً واحداً، أحدهما باعث نفسي هو الإتراف و التّمتّع بأسباب الشهوات، والآخر باعث سياسي، هو ما كان للمنكرين من عِلية القوم وأشرافهم من تسلّط على أقوامهم فأنكروا المعاد لئلا تتزعزع عروش سلطتهم بانتشار هذه العقيدة بين أتباعهم ومرؤوسيهم، فكانوا يدعون الناس إلى إنكار المعاد ويقولون: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ ).
الباعث الثالث ـ التكذيب بالحق
إنّ هناك آيات تعرب عن أنّ المنكرين، من أوّل يوم واجهوا فيه دعوة الرسل، أنكروها ولم يعتنقوها، فجرّهم ذلك إلى إنكار المعارف كلّهابالأخص المعاد، وحشر الإنسان في النشأة الأُخرى.
نعم، لا ينفك عنادهم أمام الأنبياء عن علّة نفسية أو اجتماعية أو سياسية، جرّتهم إلى اتّخاذ ذلك الموقف السلبي في بدء الدعوة في كلّ ما يقوله الأنبياء ويدعون إليه، وإن كان بعضه موافقاً لطبعهم وشعورهم والذكر الحكيم يشير إلى هذا الباعث بقوله حاكياً عنهم: