للإمامة مَن يشاء ، ويأمر
نبيِّه بالنص عليه ، وأن ينصبه إماماً للنّاس من بعده للقيام بالوضائف التي كان
على النبي أن يقوم بها ، سوى أنَّ الإمام لا يُوحى إليه كالنبي وإنَّما يتلقى
الأحكام منه مع تسديد إلهي. فالنبي مبلِّغ عن الله والإمام مبلِّغ عن النبي.
والإمامة متسلسلة في اثني عشر ، كلُّ سابق
ينصُّ على اللاحق.
ويشترطون أن يكون معصوماً كالنبي عن
الخطأ والخطيئة ، والإ لزالت الثقة به ، وكريمة قوله تعالى : (إني جاعِلُكَ لِلنّاسِ إماماً قال ومن ذُريَّتي
قالَ لا يَنالُ عَهديَ الظالمين )[١][٢] صريحة في لزوم العصمة في الإمام لمن تدَّبرها
جيداً.
وأن يكون أفضل أهل زمانه في كلُّ فضيلة
، وأعلمهم بكلِّ عِلمٍ ، لأنِّ الغرض منه تكميل البشر ، وتزكية النفوس وتهذيبها
بالعلم والعمل الصالح
[٢] قال شيخنا
الطوسي رحمه الله تعالى في كتابه الموسوم بالتبيان في تفسير القرآن ( ١ : ٤٤٩ )
تعليقاً على هذه الآية الكريمة : استدل أصحابنا بهذه الآية على أنِّ الامام لايكون
إلّا معصوماً من القبائح ، لان الله تعالى نفى أن ينال عهده ـ الذي هو الإمامة ـ
ظالمٌ ، ومن ليس بمعصوم فهو ظالم ، إمّا لنفسه ، أو لغيره.
فإن قيل : إنما نفى أن يناله
ظالم في حال كونه كذلك ، فأمّا إذا تاب وأناب فلا يسمى ظالما ، فلا يمتنع أن ينال.
قلنا : إذا تاب لا يخرج من أن
تكون الآية تناولته ـ في حال كونه ظالماً ـ فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنه
لا ينالها ، ولم يفد أنَّه لا ينالها في هذه الحال دون غيرها ، فيجب أن تُحمل
الآية على عموم الاوقات في ذلك ، ولا ينالها وإن تاب فيما بعد.
واستدلوا بها ايضاً على أنَّ
منزلة الامامة منفصلة عن النبوة ، لأنَّ الله تعالى خاطب ابراهيم عليهالسلام وهو نبي ، فقال له : انَّه
سيجعله إماماً جزاء له على اتمامه ما ابتلاه الله به من الكلمات ، ولو كان إماماً
في الحال لما كان للكلام معنى. فدل ذلك على أنَّ الامامة منفصلة من النبوة ، وانَّما
اراد الله تبارك وتعالى ان يجعلها لإبراهيم عليهالسلام ....