أما الأولى
فقد سبق نقاش الشهيد الثاني فيها ، لأن العبرة بعمل القدماء بمضمون الخبر ، ولم
يحرز ، لأنهم بين مانع من العمل بخبر الواحد مطلقاً كالسيد المرتضى ، فلا نحتمل
استناد فتياه اليه ، خصوصاً مع ضعف سنده. ولذا ادعى السيد الاجماع في كثير من
فتاواه. واحتمال كون الخبر متواتراً لديه لا يثبت استناد فتياه اليه. وبين جامع
للأحاديث بدون فتوى ، وبلا تمييز بين ما يصح منها عن غيره ، ولو للبناء على صحة
جميعها عنده ، كالكليني في كتابه ( الكافي ). وبين جامع لفتاوى مجردة عن الدليل ،
فلم يعلم مستنده غالباً فيها ، مثل الشيخ المفيد في كتابه ( المقنعة ).
ومحض موافقة
الفتوى لمضمون الحديث لا تصلح لجبر ضعفه حتى عند القائلين بالجبر ، وإنما العبرة
في ثبوت الاستناد اليه. ولذا قال المحقق الهمداني : « ... الشهرة تصلح جابرة للضعف
من جميع الجهات ولكن بشرط استناد المشهور اليه في فتاواهم ، وعملهم به ، لا مجرد
موافقة قولهم لمضمونه ، فانه خارجي غير مجدٍ في جبر ضعف الخبر ، كما تقرر في محله
الخ » [١]. وقال
المحقق النائيني : « والشهرة العملية عبارة عن اشتهار الرواية من حيث العمل ، بأن
يكون العامل بها كثيراً. ويعلم ذلك من استناد المفتين اليها في الفتوى الخ » [٢].
نعم إن القديمين
من فقهائنا ، وهما ابن أبي عقيل الحسن بن علي العماني الحذّاء ، وابن الجنيد محمد
بن أحمد الاسكافي الكاتب ، المعاصرين للشيخ الكليني ، قد كتبا في الفروع الفقهية ،
واستدلا عليها. فكتب ابن أبي عقيل كتابه ( المتمسك بحبل آل الرسول (ص) ) ، وهو على
ما ذكره الشيخ النجاشي « كتاب مشهور في الطائفة ، وقيل : ما ورد الحاج من خراسان