يصلّيان وإدريس
ويفتر وينام ، وملك الموت يصلّي ولا ينام ولا يفتر ، فمكثا بذلك أيّام.
ثم إنّهما مرّا بقطيع غنم وكرم قد أينع
، فقال ملك الموت : هل لك أن تأخذ من ذلك حملا ، أو من هذا عناقيد فتفطر عليه؟
فقال : سبحان الله أدعوك إلى ما لي فتأبى ، فكيف تدعوني إلى مال الغير؟
ثم قال إدريس عليهالسلام : قد صحبتني وأحسنت فيما بيني وبينك من
أنت؟ قال : أنا ملك الموت قال إدريس : لي إليك حاجة فقال : وما هي؟ قال : تصعد بي
إلى السّماء فاستأذن ملك الموت ربّه في ذلك ، فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى
السّماء.
ثم قال له إدريس عليهالسلام : إنّ لي إليك حاجة أخرى قال : وما هي؟
قال : بلغني من الموت شدة فأحبّ أن تذيقني [١]
منه طرفاً فانظر هو كما بلغني؟ فاستأذن ربّه له ، فأخذ بنفسه ساعة ثم خلّى عنه
فقال له : كيف رأيت [٢]؟
قال : بلغني عنه شدة ، وأنّه لأشدّ ممّا بلغني [٣]
ولي إليك حاجة اُخرى تريني النّار فاستأذن ملك الموت صاحب النّار ، ففتح له ، فلما
رآها إدريس عليهالسلام سقط مغشيّاً
عليه.
ثم قال له : لي إليك حاجة اُخرى تريني
الجنّة ، فاستأذن ملك الموت خازن الجنّة فدخلها فلمّا نظر إليها قال : يا ملك
الموت ما كنت لأخرج منها إنّ الله تعالى يقول : ( كلّ نفس ذائقة الموت ) وقد ذقته ويقول : ( وإن منكم
إلا واردها )
وقد وردتها ويقول في الجنّة : ( وما هم بخارجين منها )[٤].
٦١ ـ وبالاسناد المتقدّم عن وهب بن
منبّه : أنّ إدريس عليهالسلام
كان رجلاً طويلاً ضخم البطن ، غظيم الصدر ، قليل الصّوت ، رفيق المنطق ، قريب
الخطا إذا مشى ، وإنّما سمّي إدريس لكثرة ما يدرس من كلام الله تعالى ، وهو بين
أظهر قومه يدعوهم إلى
[٣] في ق ٣ : وانّه
اشدّ مما بلغني ، وفي ق ٤ : وانّه لأشدّ ممّا يبلغني.
[٤] بحار الأنوار (
١١/٢٧٨ ـ ٢٧٩ ) ، برقم : ( ٧ ) ، الدّية : ٣٥ سورة الأنبياء ، الآية : ٧١ سورة
مريم ، والذيل بحسب منا يراد منه حصناً ، غير موجود في القرآن.