ثم طلب إلى الله تعالى في السّحر للملك
، فأذن له في الصّعود إلى السّماء ، فقال له الملك : أحبّ أن اكافيك ، فاطلب إليّ
حاجة ، فقال : تريني ملك الموت لعلّي آنس به ، فانّه ليس يهنئني [١] مع ذكره شيء فبسط جناحيه.
ثم قال له : اركب [٢] فصعد به ، فطلب ملك الموت في سماء
الدّنيا ، فقيل له : إنّه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة والخامسة ، فقال
الملك الملك الموت : ما لي أراك قاطباً؟ قال : أتعجّب أنّي كنت تحت ظلّ العرش حتّى
اُومر [٣] أن أقبض روح
إدريس بين السّماء الرّابعة والخامسة ، فسمع إدريس ذلك ، فانتقض [٤] من جناح الملك ، وقبض ملك الموت روحه
مكانه ، وفي قوله تعالى : « وذاكر في الكتاب إدريس إنّه كان صديقاً نبيّاً ورفعناه
مكاناً عليّاً » [٥][٦].
٦٠ ـ وبإسناده عن ابن أورمة ، عن عبد
الله بن المغيرة ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال
: كان إدريس النّبيّ صلوات الله عليه يسيح النّهار ويصومه [٧] ، ويبيت حيث ما جنّه اللّيل ، ويأتيه
رزقه حيث ما أفطر ، وكان يصعد له من العمل الصّالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلّهم ،
فسأل ملك الموت ربّه في زيارة [٨]
إدريس عليهالسلام وأن يسلّم
عليه ، فأذن له فنزل وأتاه ، فقال : إنّي أريد أن أصحبك ، فأكون معك فصحبه ، وكانا
يسيحان النّهار ويصومانه ، فإذا جنّهما اللّيل أتى إدريس فطره [٩] فيأكل ، ويدعو ملك الموت إليه فيقول :
لا حاجة لي فيه ، ثم يقومان