إنّ الالتجاء إلى التصويب والسببيّة لأجل مشاكل في طريق التعبّد بالخبر الواحد أهمّها: كونه يستلزم تحليل الحرام أو تحريم الحلال،والوقوع في المفسدة وتفويت المصلحة ولأجل رفعها ذهبت الأشاعرة إلى إنكار حكم اللّه المشترك بين العالم والجاهل وأنّ أحكامه سبحانه تابعة لقيام الأمارة عليه، وأنّ قيامها، تحدث مصلحة في المؤدّى حدوثاً ويكون الحكم على وفاقها فليس هنا حلال حتّى يحرم أو بالعكس ولامفسدة حتّى يلقى فيها ولامصلحة حتّى تفوت بل المحور قيام الأمارة وتتبعه سائر الأُمور.
وهذا هوالذي أنكره المحقّقون من العدلية وأنّه يستلزم الدور لأنّ قيامها عليه فرع وجود حكم إلهي تحكي عنه الأمارة فكيف يمكن أن يكون الحكم حادثاً بها. ولا أظنّ أنّ الأشاعرة تقول بذلك خصوصاً مع إنكارهم تبعية أحكام اللّه للمصالح والمفاسد.[ 2 ]
وذهبت المعتزلة إلى أنّ حكم اللّه تابع لقيام الأمارة بقاءً لاحدوثاً وأنّ حكم
[1]قد أوضح الشيخ الأنصاري التصويبين المنسوبين إلى الطائفتين; الأشاعرة والمعتزلة في فرائد الأصول:27 والمحقّق النائيني في فوائد الأُصول:3/95. [2]وسيوافيك في مبحث التخطئة والتصويب من مباحث الاجتهاد والتقليد أنّهم إنّما يقولون بذلك فيما لانصّ فيه وما ليس فيه حكم من الشارع فراجع المستصفى للغزالي: 2/102 باب الاجتهاد والتقليد، والإحكام في أُصول الأحكام لسيف الامدي: 4/413 والملل والنحل للشهرستاني: 1/184، وأُصول الفقه للخضري: 376.