الآخر حيث قال: إنّ ملاك التزاحم أن لايكون المكلّف متمكّناً من امتثال الحكمين معاً بحيث يكون امتثال أحدهما متوقّفاً على مخالفة الآخر كمسألة إنقاذ الغريقين.[ 1 ]
يلاحظ عليه: أنّ التنافي بين المضيّق والموسع والتعييني والتخييري في فترة خاصّة ملموسة، فإذا لم يرجع التنافي إلى التكاذب في مقام الجعل والتشريع فلامحالة يرجع إلى مقام الامتثال وليس التزاحم إلاّ هذا، وبذلك يصحّ عدّ المثالين من المتزاحمين خلافاً للمحقّق المزبور.
وما أفاده من أنّ التزاحم في مورد المضيّق والموسّع ليس بين الواجبين ، بل بين الواجب ومصداق من الموسّع وهو الصلاة أوّل الوقت، غير تامّ لأنّ التزاحم ليس مصطلحاً شرعياً حتّى نتوقف في تحديده، بل هو عبارة عن كلّ تناف على وجه الإطلاق لم يكن ناشئاً عن تكاذب الدليلين، بل عن عدم سعة قدرة المكلّف، فلا فرق بين كونه بين الواجبين أو بينه وبين مصداق من الموسّع والفرد بما أنّه مصداق للكلّي مأموربه أيضاً.
ب ـ أسباب التزاحم وأقسامه
إنّ للتزاحم أقساماً حسب الاستقراء نشير إليها:
1ـ أن يكون منشأ التزاحم اتحاد متعلّقي الحكمين المتضادّين في الوجود مع اختلافهما في الماهية والذات كالصلاة في الدار المغصوبة إذا أتى بها المكلّف فيها، فهل يعدّان من أقسام التزاحم مطلقاً؟ قلنا بالامتناع وتقديم الأمر، أو النهي، أو بالاجتماع أو فيه تفصيل ذكرنا حقّ المقال في ذلك المبحث.