هذه هي القاعدة الثالثة التي جرى البحث عنها إستطراداً لبيان حالها مع الاستصحاب. وتنقيح مفادها يستدعي رسم أُمور:
الأمر الأوّل:
ما هو الصلة بين أصالة الصحّة وقاعدة التجاوز ؟
الظاهر أنّ الجامع بين الأصلين هو حمل فعل الفاعل المريد، على الصحّة، سواء كان في فعل النفس أو في فعل الغير، والوجه في الحمل في الموردين أمر واحد، سيوافيك بيانه، واختصاص الحمل في فعل النفس بصورة التجاوز عن محلّ المشكوك أو بعد الفراغ عن العمل، بخلافه في فعل الغير، فانّه يجري مطلقاً سواء أكان في الأثناء أم بعد العمل(وبعبارة أُخرى بعد التجاوز أو قبله) لا بجعل القاعدتين مختلفتين في الماهية، وذلك لأنّ موضوع الأصل هو صورة الشكّ وهو فرع غيبة صورة العمل عن الذهن وهي في عمل النفس لاتتحقق إلاّ بعد التجاوز عن محلّ المشكوك، أو بعد الفراغ عن العمل.ولايجري في غير ذينك الموردين، لعدم تحقق الغيبة فيما إذا لم يتجاوز، وهذا بخلاف فعل الغير، فانّ الغيبة متحقّقة مطلقاً، كان الشكّ في الأثناء أو بعد العمل، لعدم اطّلاع الإنسان على سرائر الأشخاص وضمائرهم، ولأجل ذلك صار مورد الأصل في فعل الغير أوسع منه في مورد فعل النفس.
فتلخّص أنّ هناك أصلاً واحداً. وهو حمل فعل الإنسان المريد على الصحّة،