وثانياً: سلّمنا أنّ الأوسط في المقدّمتين هو اليقين بالوضوء ولكن التعليل لمّا كان بأمر ارتكازيّ، وهو أنّ اليقين شيء ذو صلابة ولاينقضه شيء ذو رخوة كالشكّ صحّ للعرف انتزاع قاعدة كلّية من المورد، وهو أنّ الشكّ كالقطن لايمكن له أن ينقض اليقينَ الذي هو كالحجر، وعلى ذلك فما هو الدخيل في التعليل هو نفس اليقين والشكّ، لااليقين بالوضوء والشكّ فيه. ولو كان الحال كما توهم لكان للإمام، التنبيه عليه. وبذلك تتمّ صحّة الاستدلال بسائر الأخبار التي وردت فيها تلك الكبرى.
وقال المحقّق النائيني: إنّ جعل الجزاء مقدّراً يستلزم التكرار في الجواب من دون تكرار في السؤال وهو لايخلو عن حزازة، إذ لو قدّر الجزاء في قوله:«وإلاّ» قوله:«فلايجب عليه الوضوء» فقد مضى نظيره قبل هذه الجملة الشرطية حيث قال: فإن حرّك على جنبه شيء ولم يعلم به. قال: لاحتّى يستيقن «أي لايجب الوضوء حتّى يستيقن».[ 1 ]
يلاحظ عليه: أنّ النكتة على التكرار، هو التركيز على عدم الوجوب ومعه لااستهجان فيه، أضف إلى أنّ التكرار يعدّ مستهجناً إذا أتى بنفس الجملة الثانية، لاما إذا كانت مقدّرة.
فتلخّص أنّ جزاء القضية الشرطية محذوفة أُقيمت العلّة مكانها، والجزاء عبارة عن عدم وجوب الوضوء، والتعليل عبارة إمّا عن عدم نقض مطلق اليقين بمطلق الشكّ، أو اليقين المضاف إلى الوضوء. ولو كان التعليل هو الثاني حسب الظاهر، يتلقّى العرف أنّ المناط لعدم النقض، هو صلابة اليقين ورخاوة الشكّ ولادخالة للمتعلّق فيه.