إنّ الشكّ في الحكم الشرعي تارة يكون راجعاً إلى مقام الجعل ولو لم يكن المجعول فعلياً لعدم تحقّق موضوعه في الخارج كما إذا علمنا بجعل الشارع القصاص ولو لم يكن الحكم به فعلياً لعدم تحقّق القتل ، ثمّ شككنا في بقاء هذا الجعل، فيجري استصحاب بقاء الجعل ويسمّى باستصحاب عدم النسخ وهذا الاستصحاب خارج عن محلّ الكلام.
وأُخرى يكون الشكّ راجعاً إلى المجعول (سعته) بعد فعليّته بتحقّق موضوعه في الخارج.
والشكّ في المجعول في الشبهات الحكمية على قسمين:
1ـ ما كان الزمان مفرّداً للموضوع وكان الحكم انحلالياً كحرمة وطء الحائض حسب أفراده كوطئه قبل النقاء،أو بعده وقبل الاغتسال، وهي أفراد طولية حسب امتداد الزمان، فلايصحّ جريان الاستصحاب فيها حتّى على القول بجريانه في الأحكام الإلهية.لأنّ هذا الفرد من الوطء، أعني: الفرد المحقّق بعد النقاء وقبل الاغتسال لم تعلم حرمته من أوّل الأمر.فيكون استصحاب حكم الفرد المتقدّم إلى الفرد اللاحق من قبيل إسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر.
2ـ ما إذا لم يكن الزمان مفرّداً، ولم يكن الحكم انحلالياً كنجاسة الماء القليل المتمّم كرّاً، فانّ الماء شيء واحد غير متعدّد حسب امتداد الزمان في نظر العرف ونجاسته حكم واحد مستمرّ من أوّل الحدوث إلى آخر الزوال، فاستصحاب النجاسة مبتلى بالمعارض، لأنّا إذا شككنا في بقاء نجاسة الماء المتمّم كرّاً فلنا يقين متعلّق بالمجعول، ويقين متعلّق بالجعل فبالنظر إلى المجعول يجري استصحاب النجاسة، وبالنظر إلى الجعل يجري استصحاب عدم النجاسة في هذا الظرف، إذ المتيقّن جعلها للماء النجس غير المتمّم كرّاً.وأمّا جعلها مطلقاً حتّى للقليل المتمّم فهو مشكوك فيه. فيستصحب عدمه فتقع المعارضة بين استصحاب بقاء المجعول